العدالة النائمة - بقلم براءة الحمدو

العدالة النائمة!
تكبر أوجاعنا وتبدأ قلوبنا بالبكاءِ كلّما تذكرنا الوطن _ وما جرى لأهله وأبنائه، ولكثرة تراكم الأحزان فينا، لم يبق مكانٌ للفرح عندنا، وإن ضحكنا على أنفسنا وعلى أقرب النّاس إلينا، نخجل من ذواتنا إذا ما شعرنا بالدّف في دول اللجوء، نعاتب أرواحنا إذا مالتْ عن الرقّة والإحساس ، نلوم ضمائرنا إن قَسَتْ ، ونعجب من أناسٍ نَسَتْ الهَمّ والصّحبَ وقضيّةَ البلد ، كيف يساورنا الفرح وأرواحٌ رخيصة تنوّعت فيها وسائل وفنون القتل والإجرام والتعذيب؟! قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي خبر لجوء النظام السوري بنبش قبور ضحايا شهداء النهر بحلب ، التي وقعت بتاريخ 29 كانون الثاني 2013 في حيّ بستان القصر في مدينة حلب السوريّة ، فيها أرواحٌ أُلقتْ في النهر بلا رحمة وشفقة وبوحشيّةٍ مطلقة ، أبناءُ المدينة الّذين أصبحت أشلاؤهم على أطراف النهر ، بل وأكثرها ظلّ في قاع النهرِ ، ذاك النهر بات مقبرةَ المجرم _المقبرة الجماعية _، مقبرةٌ أبتْ ابتلاع أبنائها ليكونوا شهداء على أنفسهم وعلى قاتليهِم ، في صبيحة المجزرة استيقظ أهالي حلب على أصواتِ الصّراخ وتكبير المآذن ، مشهدٌ تاريخي وُقِفَ له بكلِّ وَجَلٍ وارتعاش ودموعٌ فتكت في الأمّهات والزّوجات، الجثث تطفو على سطح النهر لأشخاصٍ من عمر( 12 _ 60 عام) حيث كُبِّلتْ أيديهم وأرجلهم ، وكممت أفواههم ، وفرغتْ رؤوسهم بالرصاص ، يقول أهالي المدينة إنّ دماؤهم تنزف ولم تجف ولن تجفَّ، يا لِلوعة وحرقة القلوب يومها ، هرع الحلبيّون وقتها نحو النهر لسحب الجثث ، بما يملكون من معدّات بسيطة تقليدية ، وأنّهم احتاروا من أين يمكن توفير الأكفان كي تغطي العدد ، وثّق الناشطون والإعلاميون والمحامون الأحرار الجريمة الجماعيّة الممنهجة بكلّ تفاصيلها ، حتى يأتي يوم المحاسبة وتقديم القتلة ومجرمي الحرب أمام العدالة وفي المحاكم الوطنية والدولية ، لقد تمّ التّعرف على جثة 45 شهيد وبعضهم مجهولو الهوية لم يتعرّف عليهم أحد ، وفيما يذكر أنّ أهالي المدينة استطاعوا انتشال 114 جثة على مدى يوميين متتاليين ، وفوق هذا كلّه يعاود النظام السوري وإعلامه الكذب والدّجل بأنّ شهداء النهر قتلهم الثوار! والمُروّع أكثر أنّ الشهداء يقتلون للمرة الثانية وذلك بنبش قبورهم وقيام النظام بنقلهم لطمس جريمته وإخفاء معالمها من شدّة خوفه من محاسبة الشعب له مستقبلاً ، التاريخ سجّل ومازال يسجّل الأحداث ، والشعب لم ينسَ قَاتلهُ ولن ينسى ثأره ، حكاية سوريا وإجرام نظام الأسد فيها مستمرٌ ودائم ، وعيون المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان تنظر ، لم يكتف الكاذبون الدوليون بالرؤية فقط ، فهم شاركوا الأسد في تبيض صفحاته وإعادة تأهيله من جديد على عرشٍ صُنِع من دماء السوريين ، وبالمناسبة واستكمالاً للحديث ما يجري هذه الأيام في الداخل السوري المحرر فظيع من كثرة حوادث التصفية والاغتيالات لشخصيّات مُناهضة ومُحاربة لنظام الأسد وهم النشطاء الّذين قهروا شبيحة النظام ، فقرروا الإجهاز عليهم الواحد تلو الآخر بين فترات متقاربة ، وهي سلسلة مستمرة ومدروسة ، لإطفاء كلّ صوت ثوري يهدد وجود المجرمين والقتلة والمستبدين ، لكن هيهات أيّها المارون العابرون المارقون المحتلون ، آن لكم أن تنصرفوا من حيث جئتم واتركوا الأرض لأصحابها ، وآل الأسد مثلهم مثل آل صهيون .
رحم الله شهداء النهر ورحم نشطائنا وأحرارنا وشهدائنا الأوّلين، وألحقنا بهم غير مغترّين ولا متكبرين بل أعزّةً منتصرين وَ لِحقِّ الله حافظين .
براءة الحمدو
التعليقات
اضافة تعليق